لا سلفية و لا علمانية.... لماذا أنا لست معهم ؟



لا سلفية و لا علمانية.... لماذا أنا لست معهم ؟

لماذا أنا لست معهم؟؟
لا سلفية
السلفية كما يعرفها أهلها هي فهم الكتاب و السنة بفهم سلف الأمة .

و الحقيقة أن هذا التعريف غير دقيق تماما حيث لا يوجد ما يسمى فهم بفهم  فلا يمكنك أن تفكر إلا بعقلك و لا يمكن أن تعي إلا بوعيك . أما أن تفهم بفهم غيرك فهذا ليس فهما و إنما إرغامٌ لعقلك على فهم غيرك

لذلك يمكن إعادة صياغة التعريف بأنه التسليم بفهم سلف الأمة للكتاب و السنة و لا أظن ذلك يخالف الواقع الفعلي
الآن ما المشكلة في التسليم لهذا الفهم الذي ينتمي أهله إلى الأخيار الملازمين و المواكبين للوحي
الجدلية هنا في الخلط بين الوحي ( النص المقدس ) و الفهم  ( البشري ) في درجة التنزيه  فالأول منزه و الآخر غير ذلك و الأول ثابت لارتباطه ( بالأول بلا بداية و الآخر بلا نهاية) و الآخر – الفهم – متغير لارتباطه بمتغير
إن الله الواحد الأحد الذي ليس كمثله شيء خلق هذا الكون في حالة تغير دائم بمكوناته منذ اللحظة الأولى لميلاد هذا الكون إلى الآن لذلك فلن تجد ما هو حق ثابت مطلق إلا الله سبحانه . الإنسان بصفته أحد مكونات هذا الكون هو قيمة متغيرة . لذلك إضفاء صفة الثبات على ثلة من البشر تنتمي لحقبة زمنية ما هو تقديس لغير مقدس و إنكار لقيمة الإنسان المتغيرة
الشق الآخر للخلاف يعتمد على مجسات العلم الحديث التي أضافت للإنسان المعاصر مجالا أوسع للإدراك و كلما اتسع مجال الإدراك كلما كان الفهم أشمل و أدق.
نقطة هامة أود توضيحها قبل النهاية
واهم من ظن أنني ضد السلفية ( فهم السلف ) و إنما أنا ضد التسليم لها لأن أي بناء حضاري هو بناء تراكمي لذلك لا يمكن بأي حال من الأحوال نسف السلف و إنما المطلوب هو الاسترشاد بفكرهم و مناهجهم بلا وصاية كوسيلة لا كغاية .


و لا علمانية

تعرف العلمانية بتعريفات شتى أشهرها  فصل الدين عن الدولة
و لعل التعريف الذي أراه أكثر دقة هو فصل الروحي عن المادي الذي يعتمد فيه على معالجة المادة بالمادة فيرتكز إلى العلم الحسي كمرجعية لإدارة شئون الحياة المادية
المشكلة المؤرقة للعلمانية هي الطبيعة البشرية المزدوجة التي تجمع بين الروح و المادة في كائن عاقل ...لذلك اعتمدت العلمانية على تجنيب الجانب الروحي في الإنسان كمرجعية أو معيارية و ذلك لما يحويه هذا الجانب من المجهول / الغيبي المستمد من القوى الفوقية التي لا يستطيع الإنسان معايرتها بصورة قطعية لذلك لا يستطيع استخدامها كمرجعية أو كمعيار للخطأ و الصواب بصورة تطابق النظرة المادية المحسوسة
هذا التجنيب ليس إلا ناتجا عن جهل أو سوء فهم  أو فساد لإدراك الطبيعة الروحية للإنسان و لكنه بكل تأكيد لا ينكر وجوده
لذلك فالنظرة العلمانية للإنسان هي نظرة أحادية الجانب غير مكتملة ترى بعين و تغمض الأخرى و بالتالي لا يمكن التسليم لعين العلمانية كعين الحقيقة
أتفق مع العلمانية كوسيلة إدارة لمجموعة من الجوانب المادية في حياة الإنسان باقتدار لكنها في النهاية لا يمكن أن تدير إنسان ( لطبيعته المزدوجة ) بالضبط كمن يستقل قطار من محطة لأخرى لكنه في النهاية ينفصل عن القطار حين تنتهي رحلته المحدودة

( أحمد عثمان )

تعليقات